التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كانت شخصيَّة عثمان بن أرطغرل من الشخصيات العظيمة، مما جعل أحد المؤرخين يوصفه بقوله: «كان واسع العطاء، شجاعًا مقدامـًـا على الأعداء...».
ترك أرطغرل عند موته سنة (1281م=680هـ)[1] زعامة الإقطاعيَّة إلى ابنه عثمان الأول Osman I، حتى هذه اللحظة لم يكن ممكنًا إعطاء اسم «الإمارة» هذه الإقطاعيَّةَ الصغيرة؛ حيث إنَّها كانت تابعةً بشكلٍ كاملٍ للسلطان السلجوقي، ولم يكن لدى أرطغرل أيُّ طموحات انفصاليَّةٍ تدفع في اتجاه اعتبار الإقطاعيَّة إمارة، ولقد سار عثمان -الذي تسلَّم القيادة وهو في الرابعة والعشرين من عمره- على نهج أبيه، ولم يُفكِّر في الانفصال عن السلطان السلجوقي الضعيف؛ بل ظلَّ معلنًا تبعيَّته له مع بُعد المسافة بينهما، وهذا حفظ له استقرارًا استغلَّه في التوسُّع في المناطق المحيطة به من أراضي البيزنطيين؛ -أيضًا- حرص عثمان -كما حرص أبوه من قبلُ- على عدم التعدِّي على الإمارات المسلمة المجاورة له[2]، فكسب بذلك ودَّهم، أو على الأقل كسب ودَّ الشعوب؛ فإنَّ للحكام عادةً حساباتٍ أخرى!
ولئن كانت خطوات أرطغرل بطيئةً بحكم أنَّه كان جديدًا على المنطقة، وقليلًا في العدد؛ فإنَّ خطوات عثمان كانت أسرع، وتحرُّكاته كانت أقوى وأعمق، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ بعد أن صار أولاد أرطغرل وعائلته من سكان غرب الأناضول، وقد خبروا نقاط الضعف والقوَّة في البيزنطيِّين، فاستطاعوا التعامل مع الوضع الجديد بشكلٍ أكثر ثباتًا.
كانت الخطوة الجريئة التي أعطت عثمان وعائلته شكلًا جديدًا، هي فتح مدينة إسكي شِهر Eskişehir؛ وذلك لأنَّ هذه المدينة حصينة وشهيرة، وتسبَّب فتحها في ذيوع صيت عثمان في الأناضول، وكان ذلك في سنة 1288م[3]؛ أي بعد تسلُّمه للقيادة بسبع سنوات.
ولعلَّ هذه الخطوة الناجحة التي حقَّقها عثمان كانت سببًا في تحوُّل مسار الإقطاعيَّة التي يترأَّسها من كونها مجرَّد مكان يضمُّ أفراد عائلة أرطغرل إلى مكانٍ أوسع وأرحب، يُمكن أن يستقطب آخرين من سكَّان الأناضول، وهم لا ينتمون إلى عائلة أرطغرل المحدودة؛ ومِنْ ثَمَّ بدأت الإقطاعيَّة تأخذ تدريجيًّا شكل الإمارة التي تضمُّ بين حدودها شعبًا له صفاتٌ معيَّنة، ويعيش في ظروفٍ محدَّدةٍ أعطت له شكلًا جديدًا مختلفًا عن بقيَّة أماكن الأناضول.
والواقع أنَّ شخصيَّة عثمان بن أرطغرل كانت جاذبةً للناس، ولعلَّ الكلمات التي وصف بها العصامي شخصيَّة هذا الرجل العظيم تُوضِّح لنا بعض أسرار التفاف الناس حوله، كما تُوضِّح لنا طبيعة هؤلاء الناس وخلفيَّاتهم؛ قال العصامي في وصف عثمان: «كان واسع العطاء، شجاعًا مقدامـًـا على الأعداء، ما خلف نقدًا ولا متاعًا، إلَّا درعًا وسيفًا يُقاتل بهما الأعداء الكفار، وبعض خيل، وقطيعًا من الغنم اتخذها للضيفان»[4].
أوضحت لنا هذه الكلمات بعض الصفات الرائعة التي تميَّز بها عثمان عن أمراء الإمارات التركيَّة المجاورة له في هذا الوقت، وأعني بها صفات: الكرم، والجهاد في سبيل الله، والزهد في الدنيا، وهي تركيبةٌ عجيبةٌ من الصفات لا تتحقَّق إلَّا في النادر من الرجال؛ فالجهاد في سبيل الله كان يُوفِّر له أرضًا ومالًا من الغنائم التي يُحقِّقها؛ ولكن لأنَّه زاهدٌ في الدنيا، وغير متعلِّقٍ بها، فإنَّه كان واسع العطاء لا يُبقي على شيءٍ في يده، وهذا المال الوفير، والعطاء الغزير، وعدم الطمع فيما يتقاتل عليه الناس من أمور الدنيا، جعل القلوب تلتفُّ حوله، وصار عثمان نفسه عنصرًا جاذبًا لطوائف كثيرة من الناس شاركت معه في بناء إمارةٍ أقوى من الإمارات المحيطة، على صغر حجمها، وهكذا بدأ «شعب» إمارة عثمان يتكوَّن؛ ويُمكن لنا أن نلحظ بعض الملامح في الطوائف التي تجمَّعت حول عثمان.
كانت أولى هذه الطوائف وأهمها، الفرسان التركمان[5]؛ أي أولئك الأتراك الذين جاءوا من أقصى شرق آسيا، أو من الدولة الخوارزمية المنهارة، أو من مناطق العراق والشام، أو من الأناضول نفسه، وهم جميعًا يبحثون عن «فرصة جهاد»! وسواءٌ كان الدافع وراء الجهاد هو حبُّ العمل لله والتضحية في سبيله، أم كان السعي وراء الارتزاق عن طريق احتراف القتال؛ فإنَّ هذا أدَّى بطبيعة الحال إلى زيادة حجم الجيش التابع لعثمان؛ ولأنَّ المساحة المتوفِّرة لهذا الجهاد موجودةٌ بكثرة في هذه المنطقة الملاصقة للدولة البيزنطيَّة صريحة العداء؛ فإنَّ تسارع الفرسان لمشاركة عثمان في بناء جيشه وشعبه كان كبيرًا؛ بل ترك كثيرٌ من الفرسان إماراتهم التركيَّة القديمة في الأناضول والتحقوا بعثمان، باحثين عن فرصة عملٍ في هذه الأراضي الخصبة والمساحات الواسعة؛ وهكذا تكوَّن جيشٌ مهمٌّ يعتمد على الفرسان والخيول في الأساس، وهو ما يُعرف بالسباهي Sipahi[6].
أمَّا الطائفة الثانية فهي طائفة الطرق الصوفيَّة! وهذه الطائفة تحتاج منَّا إلى وقفةٍ وتحليل؛ لأنَّ ارتباطها بعثمان منذ بداية نشأة الدولة العثمانية كانت له آثارٌ طويلة المدى على هذه الدولة، سواءٌ في بدايات نموِّها، أم عند ازدهارها وقوَّتها، أم حتى عند انهيارها في آخر قصَّتها.
لقد انتشرت الطرق الصوفيَّة بشكلٍ عامٍّ في القرنين السادس والسابع الهجريَّين؛ وهما القرنان اللذان سبقا قيام الدولة العثمانية، وكان هذا الانتشار كبيرًا في الأناضول؛ بل عاش ابن عربي، أحد كبار الصوفيِّين، في شرق الأناضول فترةً من حياته[7]، قبل أن ينتقل إلى دمشق ليموت فيها سنة (1210م=638هـ)[8]، وانتشر فكره بشكلٍ كبيرٍ بين الأتراك، وله عندهم مكانةٌ كبيرة، وسيمرُّ بنا كيف أنَّ السلطان سليمًا الأوَّل زار قبره في دمشق عندما دخلها[9]. وابن عربي من الشخصيَّات التي تنازع عليها العلماء قديمًا وحديثًا؛ ولكن الثابت أنَّه يقول بأفكارٍ فلسفيَّةٍ خطرة؛ مثل: وحدة الوجود، والحلول والاتحاد، وإنكار الحساب، وأمور أخرى ضالَّة ليس المجال يسمح بشرحها، وقد كفَّره بها بعض العلماء، وفسَّقه آخرون؛ بينما دافعت عنه طائفةٌ ثالثة بأنَّه لا يقصد المعاني المتعارف عليها للألفاظ بين الناس، وعمومًا، فإنَّ القارئ لكتبه يحتاج أن يكون راسخًا في العلم حتى يُفَرِّق بين الحقِّ والباطل، ولا يلتبس عليه أمرٌ من الأمور فيخرج به عن العقيدة السليمة[10]، والشاهد من الحديث عنه أنَّ فِكره كان منتشرًا في الأناضول، في الوقت الذي حكم فيه أرطغرل وأبناؤه هذه الإقطاعيَّة النائية في غرب الأناضول، ومِنْ ثَمَّ تحرَّك أتباع هذه الطرق الصوفيَّة لينضمُّوا إلى هذا الكيان الجديد، وقد جذبهم إلى هذا المكان بُعده وتطرُّفه عن بقيَّة مناطق العمران، والصوفيَّة معروفون بسعيهم للأماكن البعيدة والنائية، كما جذبتهم كذلك إسلاميَّة عثمان، وطبعه الزاهد في الدنيا؛ فهو في ظاهره له هيئة المتصوِّفين؛ ممَّا جعلهم يستريحون للاستقرار في بلاده، ويُفَضِّلونها على غيرها من الإمارات التركيَّة.
كانت المشكلة الكبرى أنَّ هذه الأماكن البعيدة من العالم الإسلامي لا تجذب كبار العلماء، الذين عادةً ما يوجدون في المدن الكبرى؛ حيث المدارس والمساجد الضخمة ودروس العلم، وسهولة توافر الكتب والمصادر؛ لهذا لم يُصاحب انتقال الصوفيَّة إلى إمارة عثمان انتقال علماء كبار، أو فقهاء عظام، فإذا أضفنا إلى ذلك عدم إلمام الأتراك بشكلٍ عامٍّ باللغة العربية، عرفنا أنَّهم منقطعون بذلك عن مصادر العلوم الغزيرة التي كُتبت باللغة العربية؛ من تفسيرٍ للقرآن، أو شرحٍ للسُّنَّة، أو فقه أو عقيدة، وهذا كله أدَّى إلى قبول الأفكار الصوفيَّة إلى حدٍّ كبير، مع ما في كثيرٍ منها من غلوٍّ أو ابتداع.
هذا كله سيكون له انعكاسٌ ظاهر على خطِّ سير الدولة العثمانية؛ حيث ستكون هناك آثارٌ ملموسةٌ لهذا التزاوج المبكِّر بين الطرق الصوفيَّة ومقاليد الحكم والإدارة في الدولة؛ فمِنْ ناحيةٍ إيجابيَّة أعطت هذه الفرق النزعة الإسلامية الواضحة للدولة العثمانية، فصارت معظِّمَةً لأمر الدين في كلِّ مراحلها؛ ولكن من ناحيةٍ سلبيَّةٍ فإنَّها -أي الدولة- افتقرت في كثيرٍ من مراحلها إلى العلم الشرعي السليم الذي يدفع الدولة إلى الرأي الصائب وَفْقَ القرآن والسُّنَّة، وهذا ما أوقع الدولة العثمانية في أخطاء شرعيَّة فادحة كان لها أثرٌ كبيرٌ على مستقبلها.
ولكن ينبغي هنا الإشارة إلى أمرين لتنضبط الصورة كما كانت؛ فأمَّا الأمر الأول: فهو أنَّ الحكام العثمانيِّين -وعلى رأسهم عثمان- لم يكونوا يقولون بكلِّ ما يقوله الصوفيَّة من مبالغات، ولم تكن الدولة تتبنَّى هذه الأفكار أو تفرضها على الناس، أو تُعلِّمها لهم في المدارس والمناهج؛ إنَّما غاية ما هنالك هو أنَّ الطرق الصوفيَّة كانت مقدَّرة ومقرَّبة من الهيئة الحاكمة، وكان لها وجودٌ كبيرٌ في كلِّ أرجاء الدولة، وكانت احتفالات الدولة الرسميَّة تهتمُّ بوجود الشكل الصوفي لها، وأمَّا الأمر الثاني: فهو أنَّ الصوفيَّة في الدولة العثمانية لم تكن انعزاليَّة؛ كما كانت في بلاد المشرق؛ بمعنى أنَّ أصحاب هذه الطرق كانوا يختلطون بالناس؛ بل يختلطون بالجيش، ويُشاركون في الحروب والمعارك؛ بل لعلَّ وجود هذه الفرق الصوفيَّة كان دافعًا لكثيرٍ من الجند لأن يبذلوا أرواحهم في الفتوحات، وكانت هذه المناهج سببًا في قلَّة تعلُّقهم بالدنيا؛ ومن ثَمَّ إقبالهم على الجهاد، وهي بذلك حقَّقت جانبًا إيجابيًّا؛ خاصَّةً في السنوات الأولى لنشأة الدولة العثمانية، التي كانت تعتمد اعتمادًا كبيرًا على قوَّة جيشها وإقباله على القتال.
إِذَنْ في السنوات الأولى لحكم عثمان استقطبت أرضه هاتين الطائفتين المهمَّتين في تكوين شعبه؛ وهي طائفة الفرسان والمقاتلين، وطائفة الصوفيَّة والزهَّاد، وهذا أعطى الشعب طبيعةً خاصَّةً متميزةً عن غيره من الشعوب في المنطقة، وهي الطبيعة العسكريَّة الدينيَّة.
انضمَّت إلى هاتين الطائفتين كذلك طائفةٌ ثالثةٌ هي طائفة الحرفيِّين؛ وهم الصنَّاع والزرَّاع وأصحاب الحرف المختلفة، والتجار في شتَّى المجالات، الذين وَجَدُوا في هذه الإمارة الناشئة فرصةَ عملٍ جيِّدة؛ خاصَّةً بعد فتحها لمدينة إسكي شهر الكبيرة، وبعد توسُّع عثمان في الأراضي البيزنطية ذات الكثافة السكانيَّة العالية، ولقد كان قدوم هذه الطوائف من الحرفيِّين مفيدًا للغاية في تكوين شكلٍ طبيعيٍّ للمجتمع؛ فلم يعد حاله مثل حال الثغور النائية التي تعتمد على طائفة العسكر في الأساس؛ إنَّما صارت إمارةً طبيعيَّةً يعيش فيها كلُّ طوائف المجتمع، وهذا ساعد على الاستقرار في الإمارة، وعدم حاجة الناس للهجرة منها بحثًا عن شيءٍ منقوص، أو غايةٍ غير موجودة.
ولقد تغلغلت الطرق الصوفيَّة في هذه الطائفة الثالثة؛ كما تغلغلت في الجيش، وأعطت بالتالي لهؤلاء الحرفيِّين شكلًا دينيًّا متميِّزًا، وهذا كله لا شَكَّ انعكس على شكل الإمارة، وفوق هذا تميَّزت هذه الطوائف الحرفيَّة بصفةٍ مهمَّة صبغت الدولة العثمانية إلى حدٍّ كبير، وهي صفة النظام والترتيب؛ فقد أسَّس هؤلاء الحرفيُّون روابط تربط كلَّ طائفةٍ منهم؛ فكانت بمنزلة النقابات في زماننا المعاصر، وكان لكلِّ طائفةٍ رئيس، ولها نظامٌ وهيئة، وقوانين وأعراف، كما كان ينضمُّ إلى كلِّ طائفةٍ أحد مشايخ الصوفيَّة في المنطقة ليُؤسِّسوا جميعًا رابطةً تجمع روابط الأخوَّة الإسلاميَّة بين أفراد كلِّ حرفة، وعُرِفت لذلك هذه الروابط «بالروابط الآخية»، أو «الآخية الفتيان»، وقد زارها الرحَّالة المسلم المعروف ابن بطوطة في رحلته لبلاد أورخان بن عثمان، وعلَّق عليها، وذكر فيها نصوصًا كثيرة يحمدها ويحمد طرقها في التعامل، ولقد قال على سبيل المثال: «وهم بجميع البلاد التُّركمانيَّة الروميَّة في كلِّ بلدٍ ومدينةٍ وقرية، ولا يوجد في الدنيا مثلهم أشدُّ احتفالًا بالغرباء من الناس، وأسرع إلى إطعام الطعام وقضاء الحوائج». وقال في موضعٍ آخر: «فإذا ورد في ذلك اليوم مسافرٌ على البلد أنزلوه عندهم، وكان ذلك ضيافته لديهم، ولا يزال عندهم حتى ينصرف، وإن لم يرد واردٌ اجتمعوا هم على طعامهم، فأكلوا وغنَّوْا ورقصوا وانصرفوا إلى صناعتهم بالغدوِّ». وقال كذلك: «ولم أرَ في الدنيا أجمل أفعالًا منهم، ويُشبههم في أفعالهم أهل شيراز وأصفهان، إلَّا أنَّ هؤلاء أحبُّ في الوارد والصادر، وأعظم إكرامًا له وشفقةً عليه»[11].
وكان عثمان بن أرطغرل بارعًا في التواصل مع الناس، ولقد أراد أن يُوثِّق علاقته بالآخية الفتيان فتزوَّج ابنة شيخهم ده بالي، ممَّا أسهم بقوَّة في اشتراك هذه الروابط في بناء الإمارة[12].
هكذا تشكَّل شعب الإمارة في بداية تكوينها؛ لكن بَقِيَ عنصرٌ مهمٌّ فعَّال لا بُدَّ من الإشارة إليه، وكان له دورٌ كبيرٌ في تكوين الشعب؛ وهو أهل البلاد الأصليُّون من النصارى، وتشهد الكتب الغربيَّة بحسن تعامل عثمان -وآله من بعده- مع السكان النصارى، الذين سرعان ما اندمجوا في الشعب الجديد؛ بل ارتبط كثيرٌ من الحرفيِّين منهم بالروابط الآخيَّة الموجودة في الإمارة؛ كلٌّ حسب حرفته، وهذا قاد إلى تجانسٍ كبيرٍ في المجتمع، ولم يحدث أيُّ أنواعٍ من الفتن الطائفيَّة التي قد تنمو في مثل هذه المجتمعات المختلطة، وتدريجيًّا ومع مرور الوقت التحق جانبٌ كبيرٌ من هؤلاء النصارى بالإسلام، حتى صار المسلمون، في غضون عقود قليلة، هم الأغلبيَّة الساحقة من الشعب.
في كلِّ هذا التكوين لم يُفكِّر عثمان في أيِّ محاولاتٍ انفصاليَّة عن السلطان السلجوقي علاء الدين كَيقباد الثالث، وهو حفيد علاء الدين كَيقباد الأوَّل الذي أقطع أرطغرل الأرض التي يحكمها عثمان الآن؛ ولكن حدث تطوُّرٌ إيجابيٌّ مهمٌّ في العلاقة بينهما؛ إذ أرسل السلطان علاء الدين كَيقباد الثالث إلى عثمان بن أرطغرل بعض الشارات والعلامات التي تجعل منه أميرًا على ولاية؛ وذلك في سنة (1300م=699هـ)[13]، وهذا يُعَدُّ اعترافًا ضمنيًّا من السلطان السلجوقي بجدارة عثمان في الانفراد بحكم الإمارة؛ وكأنَّه إقرارٌ بالاستقلال عن الدولة السلجوقية!
وقد يسأل سائل: لماذا يفعل ذلك السلطان السلجوقي ما دام أنَّ عثمان نفسه لم يُعلن الاستقلال، ولم يُشِر إلى نيَّة الانفصال؟!
والجواب: أنَّ هذا في الواقع ذكاءٌ من السلطان السلجوقي، الذي كان لا شَكَّ يرقب النموَّ المتزايد لقوَّة عثمان بن أرطغرل، ويرقب التفاف الناس حوله، كما يرقب تحرُّكات عثمان الإيجابيَّة في مواجهة الدولة البيزنطية، فقرَّر أن يُرسل إليه من طرفه هذه العلامات والشارات التي تُقِرُّ بإمارته؛ ليضمن ولاءه له وعدم انقلابه عليه، على طريقة: «بيدي لا بيد عمرو»! فالتسلسل المتوقَّع للأحداث هو إعلان عثمان الاستقلال، كما أعلن ذلك غيره من الأمراء الأتراك في الأناضول، وهذا قد يورث عداوةً بين الطرفين لا يستطيع سلطان السلاجقة أن يُقاومها الآن، وهو في هذه الحالة من الضعف، فكان هذا الإرسال منه شراءً لعلاقة ودٍّ مع أميرٍ واعدٍ ينتظره فيما يبدو مستقبلٌ كبير، والذي يدعم هذا الافتراض، أنَّ هذا التنصيب من سلطان السلاجقة جاء بعد تمكُّن عثمان من فتح مدينة بيزنطيَّة جديدة في سنة 1299م[14] وهي مدينة بيله چيك Bilecik، فآثر السلطان أن يُسرع بهذه الخطوة قبل الإعلان المرتقب من عثمان برغبته في الانفصال، مع أنَّ قناعتي أنَّ عثمان لم تكن لديه فعلًا رغبةٌ في الانشقاق؛ لأنَّ بقيَّة حياته شهدت بذلك، مع أنَّه ازداد قوَّة، وهذا في الواقع من جميل أخلاقه.
ويَعُدُّ العثمانيُّون هذا التنصيب من سلطان السلاجقة هو الميلاد الحقيقي للدولة العثمانية، وإنْ كنتُ أرى أنَّ الدولة حتى هذه اللحظة لم تُعلن أيَّ استقلاليَّة، وبالتالي فهي مجرَّد إمارة تابعة للسلاجقة، الذين كانوا بدورهم تابعين للدولة الإيلخانيَّة المغوليَّة في تبريز، التي كانت قد اعتنقت الإسلام في سنة 1295م بعد إسلام زعيمها محمود غازان.
ومع كون هذا التنصيب شكليًّا فإنَّ آثاره الإيجابيَّة كانت كبيرة على الإمارة الناشئة؛ إذ زاد الانضمام إليها من طوائف الفرسان المختلفة، التي وجدت في عثمان رجلًا معتبرًا يهتمُّ به سلطان السلاجقة، ويُعطيه هذه القيمة، كما رفع ذلك لا شَكَّ الروح المعنويَّة لعثمان، وآله، وجيشه، وشعبه، وهذا عاد بالخير والنصر على الإمارة في أوائل سنين قيامها.
استغلَّ عثمان هذه الخطوة بتجهيز نفسه وجيشه لفتح بورصا، وهي أهمُّ مدينةٍ في المنطقة الغربيَّة الشماليَّة من الأناضول، وأحد أقوى حصون البيزنطيِّين، توجَّه عثمان إلى المدينة في سنة 1302م، واستطاع أن ينتصر انتصارًا كبيرًا على البيزنطيين في موقعة بافوس Bapheus[15]؛ ولكن هذا الانتصار كان على حدود المدينة، ولم يتمكَّن عثمان من اقتحام الحصون الضخمة، فحاصرها عدَّة سنوات؛ ومع ذلك لم يتحقَّق له ما أراد من فتح المدينة المهمَّة[16]؛ لكن هذا لم يُؤَثِّر في عزيمته؛ إذ استكمل جهوده في اتجاهاتٍ أخرى في المنطقة، آخذًا في التوسُّع التدريجي؛ كما تعلَّم من أبيه.
حدث تطوُّرٌ متوقَّع في سنة 1306م، أو 1308م، وهو السقوط الكامل لدولة السلاجقة؛ وذلك بوفاة آخر سلاطينهم مسعود الثاني Masud II[17]؛ ولكن لم يكن لهذا السقوط أثرٌ يُذكر على المنطقة؛ إذ كان وجوده شكليًّا في معظم الأحيان، وظلَّت الإمارات التركيَّة الموجودة في الأناضول -ومنها إمارة عثمان- تُعلن ولاءها المباشر للدولة الإيلخانيَّة في تبريز، وهو الولاء الشكلي كذلك؛ حيث لم يكن هناك أيُّ نوعٍ من الدعم تتلقَّاه هذه الإمارات من الإيلخانيِّين، ولا أعباء معيَّنة تقوم بها.
حقَّق عثمان بن أرطغرل عدَّة فتوحات أخرى ووصل في توسُّعه شمالًا إلى الضفَّة الشرقيَّة من نهر سقاريا Sakarya River[18]، ووصل شرقًا إلى حدود إمارة چاندار أوغللري المسلمة، وكذلك فعل جنوبًا؛ حيث وصل إلى حدود إمارة كرميان المسلمة، أمَّا في الناحية الغربية فقد حقَّق واحدةً من أفضل انتصاراته عندما تمكَّن من السيطرة على رصيف مودانيا Mudanya سنة 1321م، ليُحقِّق أوَّل وصولٍ للبحر للإمارة العثمانيَّة؛ حيث صارت حدوده بذلك على بحيرة إزنيك Iznik المهمَّة[19].
وافت المنيَّة مؤسِّس الدولة العثمانية عثمان بن أرطغرل سنة (1326م=726هـ) [20]، وكان قد بلغ التاسعة والستين من عمره، بعد حياةٍ حافلةٍ بالجهاد والقيادة والأعمال الكبيرة، وقد استُشهد في حياته ابنه واثنان من إخوته[21]، وترك حكم إمارته لابنه الأكبر أورخان بن عثمان.
هذا التوسُّع الذي ذكرناه في الصفحات السابقة قد يُعطي الانطباع أنَّ عثمان قد ترك وراءه إمارةً كبيرةً ذات حدودٍ طويلةٍ مع عدَّة إماراتٍ ودول؛ ولكن الواقع أنَّ إمارة عثمان لم تتعدَّ 16,000كم2[22]! وهي مساحةٌ صغيرةٌ للغاية إذ ما قُورِنَت بدول ذلك الزمان (خريطة رقم 4)؛ بل إذا ما قُورنت بالإمارات التركيَّة المجاورة لها، وهذه المساحة الصغيرة للإمارة هي ما دعت بعض المؤرِّخين الغربيِّين لاعتبار عثمان قائدًا عاديًّا غير بارز، وقد وصفه وِل ديورانت بقوله: «لم يكن عثمان قائدًا عظيمًا، ولكنَّه كان مثابرًا صبورًا»[23]. وسبب كلام وِل ديورانت أنَّه ينظر إلى العظمة من منظور مادِّي إلى حدٍّ كبير، ويعتبر الحضارة نموًّا وتطورًا في الأمور السياسيَّة والاقتصاديَّة والإداريَّة، وإن لم يُهمل في الحقيقة الاهتمام بالجانب الخُلُقي في الحضارة؛ لكنَّ العظيم في رأي هؤلاء المؤرِّخين الغربيِّين هو من استطاع أن يُؤسِّس حضارةً «كبيرة» تُؤثِّر في المحيط العالمي حولها، وهو منظورٌ محدودٌ في وجهة النظر الإسلاميَّة؛ حيث تنظر إلى الآثار الدينيَّة والأخلاقيَّة والقِيميَّة عند المرء، وعلى ضوء ذلك.
تُحدِّد عظمته من خلالها، ولقد بذل رسول الله ﷺ جهدًا في ضبط معايير تقييم العظمة عند الأمَّة الإسلامية؛ لأنَّ هذا سيُحدِّد مستقبلًا اتخاذَ بعض الرموز قدوةً من عدمه؛ فالعظيم يُقتدى به، وغير العظيم لا يُفعل معه ذلك، ومِنْ ثَمَّ وجب علينا النظر إلى هذه المعايير؛ روى سَهْل الساعدي، فَقَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟». قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟». قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ. فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا»[24].
من هذا المنظور نستطيع أن نقول وبقوَّة: إنَّ عثمان كان رجلًا عظيمًا بمعنى الكلمة، ولم تكن هذه العظمة محدودةً بزمانه ومكانه؛ بل تكمن عظمته الحقيقيَّة في أنَّه رسم خطًّا واضحًا للحركة في الحياة، سارت عليه ذريَّته لمدَّة ستمائة سنةٍ كاملة! إنَّه بذلك قدوةٌ ولا شَكَّ، وخطواته تحتاج إلى دراسة، وسيرته تحتاج إلى نشر وإعلام؛ لأنَّه بحسن تربيته لأبنائه وعائلته وجيشه وشعبه ترك آثارًا لن تُمحى من التاريخ بسهولة؛ بل لعلَّها لن تُمحى من التاريخ مطلقًا!
وبإيجاز، وفي نهاية قصة عثمان، يُمكن القول: إنَّه نجح فيما يفشل فيه الآخرون، لعدَّة أسباب؛ قد يكون منها فكره الموهوب وملكاته القياديَّة النادرة، وقد يكون منها تحويله للأزمة إلى فرصة؛ حيث استغلَّ أزمة وجوده في مواجهة البيزنطيِّين في تحميس شعبه على الجهاد للدفاع عن الدين، فقوي بذلك جيشه، وحقَّق الانتصارات المتعدِّدة، وقد يكون منها أنَّه استغلَّ قربه من أبيه القائد أرطغرل، فتعلَّم منه وأخذ الخبرة، ثم نقلها بمنتهى الأمانة إلى ابنه أورخان؛ الذي أكمل مشواره بشكلٍ أعظم وأكبر، وقد يكون لعوامل أخرى كثيرة؛ ولكن يبقى أهمها في وجهة نظري يعود إلى شيءٍ وَقَرَ في قلبه رحمه الله، فأحسبه -والله حسيبه- رجلًا صالحًا حرص على اتِّباع الشريعة، ورغب في إرضاء ربِّ العالمين، واهتمَّ برعاية المسلمين حوله، وكان غيورًا على الإسلام، محبًّا للجهاد، غير متعلِّقٍ بالدنيا، وهذا، إلى جوار أخذه بالأسباب، كفيلٌ بتحقيق كلِّ نجاح[25].
------------------------
[1] آق كوندز، أحمد؛ وأوزتورك، سعيد: الدولة العثمانية المجهولة، وقف البحوث العثمانية، إسطنبول، 2008م. الصفحات 58، 59.
[2] Shaw, Stanford Jay: History of the Ottoman Empire and Modern Turkey: Empire of the Gazis: The Rise and Decline of the Ottoman Empire, 1280–1808, Volume I, Cambridge University Press, New York, USA, 1976., vol. 1, p. 13.
[3] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، (الجزء الأول 1988، صفحة 1/92.
[4] العصامي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك: سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد عوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ=1998م. صفحة 4/71.
[5] أمجن، فريدون: مولد الإمارة العثمانية ونموها، ضمن كتاب: إحسان أوغلي، أكمل الدين: الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، ترجمة: صالح سعداوي، مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، إستانبول، 1999م. صفحة 1/10.
[6] أصل كلمة السباهي فارسي، وتعني الجندي، وكانت تعني في الدولة العثمانية سلاح الفرسان.
[7] الجهني، مانع بن حماد: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض، 1420هـ=2001م. الصفحات 1/258، 259، 2/784.
[8] الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1413هـ=1992م. 46/374-381.
[9] الغزي، كامل بن حسين بن محمد بن مصطفى البالي الحلبي: نهر الذهب في تاريخ حلب، دار القلم، حلب، الطبعة الثانية، 1419هـ=1998م. صفحة 1/211.
[10] للمزيد راجع: ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (تاريخ ابن خلدون)، تحقيق: خليل شحادة، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1988م.الصفحات 1/402-405. 17. وابن تيميَّة، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد: الإيمان الأوسط، تحقيق: محمود أبو سن، دار طيبة للنشر، الرياض، الطبعة الأولى، 1422هـ=2001م.صفحة 135. 21. ابن حجر العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد: لسان الميزان، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، 2002م.صفحة 7/393.
[11] ابن بطوطة، محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي أبو عبد الله: رحلة ابن بطوطة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، المغرب، 1417هـ=1997م. صفحة 2/163.
[12] يونم، أحمد: ظُهور البكتاشيَّة والإشراف على الإنكشاريَّة، ضمن كتاب مجموعة من المؤلفين: الإسلام المُوازي في تُركيَّا: البكتاشيَّة وجدل التأسيس، مركز المسبار للدراسات والبحوث، دبي، الطبعة الأولى، 2016م. صفحة 5.
[13] آق كوندز، وأوزتورك، 2008 صفحة 59.
[14] محمود، 2007 الصفحات 85، 86.
[15] Imber, Colin: The Ottoman Empire, 1300-1650: The Structure of Power, Red Globe press, London, UK, Third edition, 2019, p. 7.
[16] ضبيع، صلاح: العلاقات العثمانية – البيزنطية، دار الاجتهاد للأبحاث والترجمة والنشر، بيروت، العددان 41، 42، 1419هـ=1999م. صفحة 180.
[17] Cahen, Claude: Pre-Ottoman Turkey. A General Survey of the Material and Spiritual Culture and History C. 1071-1330, Translated: J. Jones-Williams, Sidgwick & Jackson, London, 1968, p. 294.
[18] Creasy, Sir Edward Shepherd: Turkey, P.F. Collier & Son Corporation, 1939., p. 10.
[19] أوزتونا، 1988 صفحة 1/92.
[20] ضبيع، 1999 صفحة 180.
[21] أوزتونا، 1988 صفحة 1/92.
[22] آق كوندز، وأوزتورك، 2008 صفحة 60.
[23] ديورانت، ول: قصة الحضارة، ترجمة: زكي نجيب محمود، وآخرين، تقديم: محيي الدين صابر، دار الجيل-بيروت، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم-تونس، 1408هـ=1988م. صفحة 26/55.
[24] البخاري: كتاب الرقاق، باب فضل الفقر (6082)، وابن ماجه (4120).
[25] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 1/ 69- 79.
التعليقات
إرسال تعليقك